الدراسات الإسلامية فصل أول

الأول ثانوي أدبي

icon

مقدمة

  • خلق الله تعالى الإنسان، وجعله خليفة في الأرض، قال الله تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً".
  • وكلفه بعمارتها وخصه بما يؤهله للقيام بهذه المهمة.
  • وميزه عن سائر المخلوقات، قال الله تعالى: "الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ".
  • يحقق الإنسان هذه المهمة:
    • بقيامه بعبوديته الخالصة لله تعالى؛ سواء أكانت بممارسة الشعائر والعبادات، أم بتحقيق عمارة الأرض وفق شرع الله تعالى.
    • تحقيق مبدأ الاستخلاف

 

مفهوم عمارة الأرض

  • هي أن يقوم الإنسان بواجبه بالعمل والعبادة والدراسة والجد والاجتهاد في بناء الحياة في جميع مجالاتها وجوانبها البيئية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والعمرانية، وفق ما شرع الله تعالى، لتحقيق السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة، وهذا كله عبادة لله، قال الله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ".

 

مسؤولية الإنسان عن عمارة الأرض

يعدّ إعمار الكون من المهام الأساسية للإنسان في الأرض:

  • ويشمل ذلك كلّ فعل مادي أو معنوي من شأنه أن ينهض بالإنسانية، ويساعدها على تحقيق الرقيّ في مجالات الحياة كلّها.
  • ويقوم إعمار الأرض على بنائها وصيانتها.
  • والاستخدام الإيجابي لما سخَّره الله سبحانه وتعالى للإنسان في الحياة الدنيا.
  • البعد عن الإفساد فيها بالظلم والجهل، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"؛ أي جعل هذه النعم كلّها تحت تصرّف البشرية، وذلَّلها لهم بما ينتفعون بها في قُوتِهم ومصالحهم.
  • قال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"؛ ما يعني أنَّ للأرض قيمة في التقدم الحضاري والإبداع العمراني، فهي مكان السعي والعمل، وبقدر ما تستطيع الأُمة استثمار الأرض بقدر ما تحقق من إبداع وتطور
  • وبما أن الله تعالى أعطى الإنسان حق الانتفاع بالأرض وعمارتها، فعليه أن يلتزم بالأحكام التي تنظم علاقته بالأشياء من حوله، وهذا لا يعطيه الحق المطلق الذي يؤدي إلى إفساده.
  • ومن عمارة الأرض عمارة النفس بتزكيتها وتطهيرها، وتعزيز الأخلاق، وهذا هو الأساس الذي يبني عليه إعمار الأرض.

 

مؤهلات الإنسان لعمارة الأرض

يوجد أمور تؤهل الإنسان وتعينه على عمارة الأرض من أهمها ما يأتي:

(1) الاستعداد الفطري للتعليم:

  • فقد حث الإسلام الإنسان على طلب المعرفة وتوظيفها في الكشف عن سنن الله تعالى في الكون فهمًا وإدراكًا، واستغلالها بما ينتفع به الإنسان في حياته.
  • وذلك بما أعطاه من القدرة على تحديد الحقائق، وحلّ المشكلات، والانتقال بها نحو حياة أفضل، قال الله تعالى: "وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".

(2) تسخير الله تعالى الكون وما فيه لمنفعة الإنسان:

  • فهو يتيح للإنسان أن يوظّف كل موارد الكون ويستثمرها في التقدم الصناعي والتطوير والابتكار الذي يجعل الحياة الإنسانية أيسر وأسهل.
  • والعناية بالبيئة والحفاظ على موارد الكون والاقتصاد في التعامل معها.
  • فالاستخدام المتوازن لها من شأنه أن يحفظ الاستقرار في عملية البناء.
  • وأهم من ذلك حفظ النفس والنسل والمال التي تشكل قوام مادة الإعمار، قال الله تعالى: "اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)".

(3) التفكّر في الكون يتيح له قدرًا أكبر في التعرّف عليه وتحديد غايته:

  • فهو وسيلة مهمة لتطوير قدرات الإنسان ومواهبه؛ لذا طلب الإسلام من الإنسان أن يُعمل عقله ليبدع في تقديم وسائل وأشياء تخدمه في تحقيق سعادته في الحياة.
  • وفي هذا حث على عملية البحث المستمرّة في الكون، فيستطيع الإنسان أن يفسرّ نظام الكون وحركته، وحركة التاريخ وسلوك الأمم والمجتمعات.
  • فيأخذ بأسباب القوّة، ويبتعد عن عوامل الضعف، قال الله تعالى: "وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ".
  • ومن العلماء الذين تفكروا بالكون فحققوا بعضًا من عمارته، وكان لهم دور في تشكيل الحضارة الإنسانية في شتى العلوم عبر التاريخ؛ ابن الهيثم علم البصريات، وجابر بن حيان في الكيمياء، وأبو بكر الرازي في الطب