مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

نبي الله زكريا عليه السلام

الدراسات الإسلامية - الصف التوجيهي أدبي

من رحمة  الله تعالى بعباده أن بعث فيهم  رسلًا منهم يدعونهم لما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة.

وذكر الله تعالى قصصهم في القرآن الكريم ليأخذ منها الناس العبرة، إرشادا لهم لوجه الصواب في أقوالهم وأفعالهم وحياتهم كلها.

قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون}، ومن هؤلاء الأنبياء زكريا عليه السلام.

 

أولا : التعريف بنبي الله زكريا عليه السلام

- زكريا عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل.

- وينتهي نسبه إلى يعقوب بن إسحاق عليهما السلام.

وكان يعمل نجارا.

- وكان زمن النبي زكريا عليه السلام متصلا بزمن نبي الله عيسى عليه السلام

- أن زكريا عليه السلام قد كفل مريم بنت عمران أم عيسى عليهما السلام.

قال الله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}

- وكان زكريا عليه السلام زوج خالة مريم عليها السلام.

 

ثانيا: طلب زكريا عليه السلام الذرية

لم يكن لزكريا عليه السلام ولد تطمئن به نفسه وتقر به عينه، وكان يرغب في ذلك، ولكن لما تقدم به العمر واشتعل رأسه شيئا، وكانت امرأته عاقرا لا تنجب، ظن أن الأمر قد فاته.

إلا أنه دخل مرة على مريم بنت عمران عليها السلام، وكان قد تكفل برعايتها والعناية بها، وهي تتعبد في المحراب (موضع الصلاة)، فوجد عندها طعاما لم يعتد وجوده عندها من قبل، فسألها: من أين لك هذا؟ فقالت : هو من عند الله، فتوجه عندئذ لله تعالى طالبا الذرية الصالحة.

قال الله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء}

وسبب طلب الذرية:

  • أنّ الذرية الصالحة سبب لتحقيق مراد الله تعالى في عمارة الأرض وخلافتها.
  • أنّ الولد مبعث طمأنينة لوالديه وسعادة لهما في الدنيا والآخرة.

وبالإضافة إلى ذلك فقد رغب زكريا عليه السلام في الولد لما يأتي:

  • حتى يتولى ولده أمر قومه من بعده.
  • وطلب أن يكون مرضيا عنه في الدنيا والآخرة.
  • وأن يتحمل بعده أمانة النبوة، لأنه يخشى من فساد قومه وضلالهم بعده، إن بقوا دون من يقوم بتوجيههم وإرشادهم إلى الحق.

قال الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ ۖ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} 

فدلت الآية على أنّه من ضمن غايات زكريا عليه السلام للولد استمرار الناس بعده على أمر الله تعالى وعدم مخالفته.

والمقصود بالوراثة  من قوله: {يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ ۖ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}، وراثة النبوة وليس المقصود وراثة الأموال.

لأن الأنبياء لا يورثون أموالهم فما يتركونه من مال بعد موتهم، يكون صدقة لجميع المؤمنين بالله تعالى، وهو ما أخبر عنه الرسول ﷺ بقوله "إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة".

وقد ورث زكريا من آل يعقوب أمانة النبوة والحكمة والعلم والدين.

استجاب الله تعالى دعاء زكريا عليه السلام:

- فرزقه غلاما، وسماه "يحيى" ولم يكن أحد قد تسمى به من قبل.

- وجعله نبيا.                                    

- وآتاه الحكم صبيا بأن جعل لقوله ورأيه أثرا في من حوله على الرغم من صغر سنه.

- وجعله تقيا بارا بوالديه.                            

- وبشره برحمة الله تعالى في محياه ومماته،

وهذا ما دلت عليه الآية الكريمة: قال الله تعالى: {يَٰيَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}

فإن الله تعالى يحب عباده ويكرمهم بأحسن مما يطلبون إن هم أطاعوه وتوجهوا إليه بإخلاص .

وهذا الموقف من حياة زكريا عليه السلام يؤكد حقيقة يقينية ينبغي أن تبقى ماثلة أمام الإنسان:

وهي أن قدرة الله تعالى لا تقف عند حد، فهو الفعال لما يريد، فقد جعل زوجة زكريا ﷺ تنجب مع أنها عجوز وعقيم، وزوجها شيخ كبير .

قال الله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}

لذلك ما على الإنسان إلا أن يأخذ بالأسباب، ويدعو الله تعالى أن يحقق مراده، ولا ييأس من رحمة الله وفضله.

 

ثالثا: أدب زكريا عليه السلام في دعائه 

المتدبر في قصة زكريا عليه السلام حينما كان يسأل الله تعالى أن يرزقه الولد، يجد أنه التزم في دعائه آدابا كثيرة، منها ما يأتي:

1- طاعة الله تعالى والتزام أمره قبل الدعاء                               

وهذا ما اعتاده زكريا عليه السلام، فقد كان كثير الصلاة والمناجاة.

قال الله تعالى:{فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ}.

وقال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِۦ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ}.

 

2 - الإخلاص والصدق في الدعاء

إن الدعاء إذا صدر من قلب طاهر، ولسان صادق، كان مرجو القبول وجديرا بالإجابة، ويظهر ذلك في نداء زكريا عليه السلام.

قال تعالى:{إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيًّا} ؛ أي أنه دعا الله تعالى في حالة خلوة من غير أن يسمعه أحد، وهذا دليل على صدقه في الدعاء وإخلاصه فيه.

 

3 - إظهار الضعف والتذلل لله تعالى      

كلما أظهر العبد الحاجة لله تعالى وحده كانت الإجابة أقرب، وهو ما تمثل به زكريا عليه السلام في دعائه.

قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّى وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّى خِفْتُ ٱلْمَوَٰلِىَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِى عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا

 

4- اليقين بإجابة الله تعالى للدعاء والثقة به        

دعا زكريا ربه وهو على يقين بأن الله تعالى لن يخيب دعاءه، قال الله تعالى في بيان ذلك:(وَلَمْ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّا).