التربية الإسلامية11 فصل ثاني

الحادي عشر خطة جديدة

icon

 

التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ

كان مقتل الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه سببًا لوقوع معركة مؤتة التي تُعَدُّ أوَّل لقاء بين المسلمين والروم.
وبالرغم من أنَّ جيش الروم كان يفوق جيش المسلمين عددًا وعُدَّةً، فإنَّ المسلمين أظهروا ثباتًا وشجاعةً في ساحة المعركة، وتمكَّن القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه بذكائه وخبرته العسكرية من وضع خُطَّة حربية مُحكَمة أفضت إلى المحافظة على جيش المسلمين.

أَسْتَذْكِرُ
أَسْتَذْكِرُ ملامح خُطَّة قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد رضي الله عنه في يوم مؤتة.
قام رضي الله عنه بتغيير مواقع الجند ثم أمر بمهاجمة العدو وقتاله بقوة كي يستطيع أن يؤمن للمسلمين الانسحاب التدريجي حمايةً لهم من الإبادة الجماعية، ودون أن يدرك الرومان بأنها حيلة منه. ثم قام بالانسحاب شيئاً فشيئاً بالجيش إلى الصحراء حتى ظن الرومان أن خالداً رضي الله عنه يستدرجهم إلى الصحراء، فخافوا من ملاحقته، مما حقق للمسلمين الانسحاب الآمن، وحقن دماءهم.

 

أولًّا: سبب يوم تبوك

في السَّنَة التاسعة للهجرة، وصلت أنباء إلى المسلمين تفيد بوجود حشود عظيمة للروم وحلفائهم في شمال الجزيرة العربية، تريد قتالهم والقضاء عليهم، فعزم النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج لمواجهة الروم وحلفائهم، ورَدِّ اعتدائهم قبل وصولهم إلى المدينة المُنوَّرة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقائهم في تبوك، وكانت تلك آخر غزوة غزاها صلى الله عليه وسلم.

أَسْتَنْتِجُ

أَسْتَنْتِجُ الدرس المستفاد من خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك لمّا علم بخبر تجهُّز الروم للهجوم على المدينة المُنوَّرة.

 المبادرة لإعداد العدة لمواجهة العدو فخير وسيلة للدفاع هي الهجوم.

ثانيًا: من أحداث يوم تبوك

أ . تجهيز الجيش:
أخبر سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن وِجْهته على غير عادته في الغزوات السابقة؛ نظرًا إلى طول المسافة، وقوَّة العدوِّ، ولكي يتهيَّأ المسلمون، ويستعدّوا للنفير.

 حَثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على الإسهام في تجهيز الجيش الذي بلغ تَعداده ثلاثين ألفًا، وكان المسلمون وقتئذٍ في حالة من الشِّدَّة والعُسْر، ومن ثَمَّ أُطلِق على جيش المسلمين اسم جيش العُسْرة؛ لشِدَّة ما لاقى المسلمون من ضنك وتعب وجُهْد، فقد كان الجوُّ شديدَ الحرارة، والمسافة بعيدةً، والسفر شاقًّا بسبب النقص الكبير في المؤونة، وقِلَّة أعداد الدوابِّ التي تحمل المُجاهِدين إلى أرض المعركة، وشُحِّ الماء، وعدم توافر المال الكافي لتجهيز الجيش، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَة فَلَهُ الْجَنَّةُ »، فتسابق المسلمون في تقديم الأموال، وكان من أكثر المُنفِقين الصحابي الجليل عثمان بن عفّان رضي الله عنه، حتى قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما ضَرَّ عُثْمانَ ما عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ».

 وكذلك شاركت النساء في تجهيز الجيش؛ بأنْ قدَّمْنَ حُلِيَّهنَّ، في حين قدَّم فقراء المسلمين ما يستطيعون. 

أُفَكِّرُ وَأَسْتَنْتِجُ

عَلامَ يدلُّ حرص المسلمين على تقديم أموالهم في سبيل الله تعالى؟

على شدة إيمانهم وتضحيتهم بالأموال في سبيل الله تعالى

 

أَبْحَثُ عَنْ

قال تعالى: ﴿لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة﴾، باستخدام الرمز المجاور (QR Code )، أَرْجِعُ إلى موقع موسوعة آل البيت المَلَكية، وَأَطَّلِعُ على تفسير (الدرُّ المنثور في التفسير بالمأثور)، ثمَّ أَبْحَثُ فيه عَنْ سبب تسمية يوم تبوك غزوة العُسْرة.

بسبب شدة الحر والجَهد الشديد الذي أصاب المسلمين وقلة الدواب والطعام والماء

ب. خروج الجيش:
توجَّه الجيش بقيادة سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، ولم يتخلَّف من الصحابة الكرام أحدٌ بغير عُذْر إلّا ثلاثة أشخاص، هم: كعب بن مالك، ومَرارة بن الربيع، وهلال بن أُميَّة رضي الله عنهم.

أمّا المُنافِقون فقد تخلَّفوا جميعًا عن الخروج. وقد عانى المسلمون في مسيرهم إلى تبوك معاناة شديدة؛ إذ كان الرجلان والثلاثة يتعاقبون على البعير الواحد، وقد أصابهم العطش الشديد. ولمّا سمع حلفاء الروم بحشد المسلمين، ألقى الله تعالى الرُّعب في قلوبهم، فانسحبوا. وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك نحو عشرين يومًا، عَقَدَ فيها معاهدات صُلْح مع أمراء تلك المناطق، ثمَّ عاد المسلمون إلى المدينة المُنوَّرة من غير قتال. وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «نُصِرْتُ باِلرُّعْبِ مَسيرَةَ شَهْرٍ ».

أُحَلِّلُ

كَيْفَ عَدَّ النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة يوم تبوك نصرًا للمسلمين في قوله: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسيرَةَ شَهْرٍ ؟»

بسبب انسحاب الروم وخوفهم من المسلمين وعدم تحقيق أهدافهم التي خرجوا من أجلها وهي القضاء على المسلمين.

 ج. تآمُر المُنافقِين:
لماّ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أنْ يستعدّوا للخروج إلى تبوك، أخذ المُنافِقون يُروِّجون الشائعات، ويُثبِّطون المسلمين عن الخروج للقتال، ويُوِّفونهم من الروم. ولمّا سار الجيش إلى تبوك، استغلَّ المُنافِقون خروج النبي صلى الله عليه وسلم؛ بأنْ بنَوا مسجدًا؛ بُغْيَةَ إحداث الفتنة والفساد في مجتمع المدينة المُنوَّرة؛ إذ أخذوا يجتمعون فيه للتآمُر على المسلمين. ولماّ عاد النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك، طلب إليه المنُافقِون أنْ يُصلِّ في هذا المسجد، فنهاه الله عزوجل عن ذلك، وأمره بهدمه وإزالته، وقد سمّاه صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار، قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* لا تقم فيه أبدًا﴾.

د. اعتذار مَنْ تخلَّف عن يوم تبوك:
ما إنْ عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من تبوك، حتى جاء المُنافِقون يعتذرون إليه صلى الله عليه وسلم بأعذار كاذبة، فقَبِل اعتذارهم، وعفا عنهم.
غير أنَّ الله تعالى لامه عى ذلك؛ لأنَّم كانوا كاذبن في أعذارهم، ومُتآمِرين على المسلمين، .

ثمَّ جاء الصحابة الثلاثة الذين تخلَّفوا عن الغزوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا صادقن؛ إذ لم يُقدِّموا أعذارًا كاذبةً لعدم خروجهم يوم تبوك، بل اعترفوا بذنبهم وتقصيرهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزال الناس إلى أنْ يحكم الله تعالى فيهم. وَلِصْدقِ توبتهم؛ نزل فيهم قوله تعالى:﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

كان ليوم تبوك نتائج مُهِمَّة، منها:
1) ظهور المسلمين بوصفهم قوَّة كبيرة قادرة على رَدِّ العدوان؛ فقد تحقَّق الانتصار للمسلمين من دون قتال، وذلك بفِرار عدوِّهم، فسقطت بذلك هيبة الروم وحلفائهم في جزيرة العرب، بعدما اشتُهِروا بأنَّهم قوَّة لا تُقهَر.
2) مسارعة بعض القبائل العربية إلى إعلان إسلامها؛ فقد أخذت الوفود بالقدوم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في السَّنَة التاسعة للهجرة، مُعلِنةً إسلامها، حتى سُمِّي ذلك العام عام الوفود، ولم تمضِ تلك السَّنَة إلّ وقد انتشر الإسلام في الجزيرة العربية كلِّها.
3) كَشْف المُنافِقين وفَضْح خُطَطهم؛ فقد ميَّزت الشدائد المُؤمِن الصادق من المُنافِق الكاذب، وظهرت حقيقة المُنافِقين الذين حاولوا التفريق بين المسلمين، والتشكيك في صِدْق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4) توقيع معاهدات صُلْح واتفاقيات مع بعض الأمراء والقبائل؛ فقد عقد الرسول صلى الله عليه وسلم إثر يوم تبوك بعض الاتفاقيات مع سُكّان المناطق الشمالية التي تربط شبه الجزيرة العربية ببلاد الشام، فكان اتِّفاق الصُّلْح مع أمراء دَوْمة الجَنْدل (منطقة في شمال المملكة العربية السعودية)، وأَيْلة (منطقة تقع قرب العقبة)، وأَذْرُح والجَرْباء (في مَعان).

 

 

 

Jo Academy Logo