الأردن في عهد الدولة العثمانية (١٥١٦-١٩١٦م)
أولا : التقسيمات الادارية العثمانية للأردن
خضع الأردن لحكم العثمانين بعد انتصارهم على العثمانين في معركة مرج دابق 923 ه / 1516م ، وقد قسم العثمانيون بلاد الشام الى ثلاث ولايات ، هي دمشق ، حلب ، طرابلس ، وكان الاردن يتبع لولاية دمشق.
في بداية القرن السادس عشر الميلادي قسم الأردن إلى لوائين ،هما :
1- لواء عجلون الذي ضم النواحي الآتية: عجلون، السلط ، الغور، الكرك، جبل بني حميدة، الشوبك، وكانت تلك المناطق مأهولة بالسكان .
2-- لواء حوران: يتبع له من الأردن ناحية بني كنانة.
وقد أبقى السلطان العثماني سليم الأول 1512–1520م) على الزعامات المحلية. وفي القرنين السابع والثامن عشر الميلاديين تراجعت السلطة المركزية للدولة العثمانية في الولايات العربية، وأصبحت غير قادرة على ضبط الأمن، وتنامي دور القوى المحلية , فاضطرت الدولة العثمانية إلى القيام بإصلاحات شاملة لولاياتها جميعا .
ثانيا: الأسر والزعامات المحلية في بلاد الشام
تنامــى دور الأسر والزعامات المحلية في بلاد الشام في بداية القــرن السابع عشر ، فأعلن بعضها العصيان ضد الدولــة العثمانية، وتأسيس حكومات خاصة بهــا. مستغلة ضعف السلطة العثمانيــة وانشغالها في حروبها الخارجية، ومن ابرز الزعامــات المحلية التي حكمت في بلاد الشام الأمير فخر الدين المعني الثاني وظاهر العمر الزيداني وأحمد باشا الجزار.
لقد كان لهذه القوى المحلية أثر واضح على سكان الأردن انذاك، إذ عملت هذه القوى على إقحام السكان في النزاعات الدائرة بينها وضرب الفئات الاجتماعية ببعضها، وخلق النعرات بينهم ولذا عندما نشب نزاع بين والي دمشق والأمير فخر الدين المعني الثاني شاركت بعض القبائل البدوية والعائلات الأردنية في هذا النزاع
وقد ظهرت العصبية القبلية في أثناء سيطرة أحمد باشا الجزار والي عكا على بعض المدن الأردنية، خاصة عجلون، إذ لجأ إلى تأليب السكان ضد بعضهم بعضا ، وذلك بتقريب بعضهم وإظهار عداوته للآخرين، وكان لسياسة الجزار الأثر الكبير في هجرة بعض أهالي المدن والقبائل البدوية واستقرارهم في أماكن مجاورة للأردن ، وقدوم أسر أخرى استقرت مكانهم, ولهـذا اضطر الأهالي فـي الأردن للوقـوف في وجـه قـوات أحمـد باشا الـجزار، والانتصار عليه في معركة وادي الغفر (غرب إربد عام 1776م. لكن ذلك لم يمنعهم من الوقوف إلى جانب أحمد باشا الجزار، عندما حاصرت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت مدينة عكا عام 1799م.
في بداية القرن التاسع عشر الميلادي ، سيطرت القبائل البدوية على المناطق التي تقع على طريق الحج الشامي ، فقد كانت مثار نزاع بينها؛ لأنها تقدم الخدمات للحجاج مقابل مبالغ مالية تدفعها الدولة العثمانية ( الصرة)، وذلك بتأمين الحماية لقوافل الحجاج، إلى جانب إفادة القبائل من تأجير الجمال والخيول لهذه القوافل.
ثالثا : حملة محمد علي على بلاد الشام (1831-1840م(
أرسل محمد علي باشا والي مصر ابنه إبراهيم باشا في حملة عسكرية على بلاد الشام التي كانت تخضع للسلطة العثمانية؛ لأنه كان يطمح إلى تأسيس إمبراطورية في البلاد العربية له ولأبنائه من بعده مستغلا الأوضاع التي كانت تمر بها الدولة العثمانية من ضعف و أطماع الدول الأوروبية في أملاكها , وقد استطاع إبراهيم باشا السيطره على بلاد الشام , والقيام باعمال كثيرة فيها، أهمها:
1- تقسيم بلاد الشام إداريا إلى مديريات، ثم إلى متسلميات ، يرأسها متسلم ( متصرف ) إذ أصبحت الأردن تابعة لمتسلمية عجلون ، والاهتمام بطرق المواصلات فيها
2- فرض الأمن والاستقرار في البلاد , وذلك بنزل السلاح من الأهالي لمنع الحروب بينهم.
3- تنظيم جباية الضرائب , وفرض ضرائب جديدة .
4- فرض التجنيد الإجباري .
بدأ السكان بالتذمر من السياسة التي اتبعها إبراهيم باشا في التضييق عليهم, عن طريق ملاحقة الزعامات المحلية وشيوخ العشائر.
إبراهيم باشا ( 1789-1848م)
هو الابن الأكبر لوالي مصر محمد علي باشا ، قاد حملات عسكرية عدة ،منها حملته على الحجاز عام 1816م ، وحملته على بلاد الشام عام 1831م ، وقد عين واليا على مصر بدلا من أبيه عام 1848م ، لكنه توفي في العام نفسه . |
لم يرض أهالي الأردن عن سياسة إبراهيم باشا ,فقاموا بحركات كثيرة , أهمها :
1-حركة الكرك والسلط عام 1834م
حدثت هذه الحركة بسبب ملاحقة جيش إبراهيم باشا الزعامات المحلية في جبل نابلس ومن هؤلاء قاسم الأحمد ، الذي فر إلى الكرك ، واعتصم في قلعتها ، فتبعه جيش إبراهيم باشا وحاصر الكرك وضرب قلعتها بالمدفعية ، فتهدمت أجزاء منها ، وقد استطاع قاسم الأحمد الهروب ، فتبعه جيش إبراهيم باشا الى السلط وحاصرها معتقدا أنه التجأ إليها ، فأدى ذلك إلى سخط الأهالي على إبراهيم باشا في البلاد ا ، فكثرت الصدمات معها .
2- حركة جبل عجلون والطيبة وتبنة عام 1839م
قامت بسبب سياسة موظفي إبراهيم باشا الظالمة ومحاولة نزع السلاح من الأهالي بالقوة، إذ انضمت القبائل البدوية إلى هذه هذه الحركة وقد حاولت إدارة إبراهيم باشا تهدئة الأهالي وتخفيف غضبهم بالتفاوض معهم، لكن حكم محمد علي لبلاد الشام انتهى عام 1840م على أثر حركات المقاومة ، وتدخل الدول الأوروبية، فأجبرها على الانسحاب بلاد الشام جميعها والعودة الى مصر .
وقد شهد الأردن نتيجة لتلك الأحداث لتلك الأحداث المتسارعة استقرار أعداد من القادمين إليه من المناطق المختلفة ، ففي أواخر القرن التاسع عشر قدمت أفواج من العائلات السورية والفلسطينية واللبنانية والمصرية ، واستقرت في مناطق السلط وجرش وعمان وغريها, وكذلك الشراكسة والشيشان من بلاد القفقاس والقوقاز، الذين سكنوا حول ينابيع المياه في وسط عمان حول الأبنية الأثرية والمدرج الروماني ، وقد أطلق اسم حي المهاجرين قرب رأس العين نسبة إليهم وبعضهم الآخر استقروا في وادي السير وناعور وصويلح والزرقاء وجرش والسخنة ، وكذلك الأرمن الذين استقروا في عمان .