التربية الإسلامية فصل أول

الحادي عشر خطة جديدة

icon

التعلم القبلي

من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده أنَّه شرع لهم من التشريعات ما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة؛ فأباح لهم الطيِّبات من العيش، وحرَّم عليهم الخبائث التي تُلحِق الضرر بهم.

وقد أمر الله تعالى عباده بالاستقامة على دينه والتزام أوامره. قال تعالى:﴿فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير﴾. وقد أرشدنا الله تعالى ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم إلى ما أحلَّه الله تعالى لعباده وما حرَّمه عليهم.

وبيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم والعلماء من بعده القواعد العامة لمعرفة الحلال والحرام في جميع جوانب الحياة، مثل: المعاملات، والأطعمة، والأشربة، وغير ذلك ممّا يحتاج إلى اجتهاد من العلماء وبيان منهم، وبخاصَّةٍ في الأمور المستجدة التي لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
 

أَذْكُرُ
أَذْكُرُ مثالين على الطيِّبات التي أباحها الله تعالى، ومثالين آخرين على الخبائث التي حرَّمها .
من الطيِّبات:
الأطعمة والأشربة المباحة كلحم الأنعام والدجاج والأسماك والماء والعسل، والفواكه والخضار، وغيرها. 
من الخبائث: أكل لحم الخنزير، شرب الخمر والمخدرات والدخان، وأكل الميتة والدم وغيرها.

 

التَّعْريفُ بِراويِ الْحَديثِ النَّبَوِيِّ الشَّريفِ

هو الصحابي الجليل النعمان بن بشير الأنصاري .

وُلِد في السَّنَة الثانية للهجرة.

 روى عن النبي صلى الله عليه وسلم 114 حديثًا.

عمل قاضيًا لدمشق.

تولّى حُكْم الكوفة وحمص زمن الدولة الأموية.

 تُوفِّي سَنَة خمس وستين للهجرة.

أهمية هذا الحديث ومكانته 

أكَّد العلماء عِظَم هذا الحديث الشريف.

هو أصل من أصول الشريعة.

أحد جوامع كَلِمه صلى الله عليه وسلم الذي يحثُّ فيه على امتثال أمر الله تعالى وترك نواهيه والتحلّي بخُلُق الورع وترك الشُّبُهات. 

هو يُبيِّن كيفية تعامل المسلم مع الحلال والحرام والأمور المُشتبِهة.

أولًا: أعمال الإنسان من حيث وضوح حُكْمها الشرعي:

 أعمال الإنسان وأقواله تنقسم من حيث وضوح حُكْمها الشرعي إلى ثلاثة أقسام، هي:
أ . الحلال الواضح: هو ما دلَّت النصوص على مشروعيته، أو ما لا يوجد دليل على تحريمه، ولا يخفى على معظم الناس حِلُّه.

مثل: الطيِّبات من الطعام، والزواج، والبيع، والإجارة، والرهن، والوكالة؛ فهذا كله حلال مَحض لا شُبْهَة فيه.
ب. الحرام الواضح: هو كلُّ ما دلَّت النصوص الشرعية على حُرْمته، ولا يخفى ذلك على معظم الناس؛ وهو ما أمر الشرع بتركه على وجه الإلزام.

مثل: أكل المَيْتة، وشرب الخمر، وتعاطي المُخدِّرات، والقِمار، والزنا، وعقوق الوالدينِ، وإساءة الجوار، ونقض العهود والمواثيق، وأكل لحم الخنزير؛ فهذا كله حرام واضح لا لَبْس فيه.

ج. المُشتبهِات: هي الأمور الغامضة التي التبس أمرها، وخَفِي حُكْمها على كثير من الناس، ولكنَّ الراسخين في العلم يعرفونها عن طريق النظر والبحث في أدلَّة الأحكام ومقاصد التشريع الإسلامي ومبادئه الكلية.

 يجب سؤال أهل العلم الشرعي لمعرفة حُكْم المُشتبهِات. قال تعالى:(فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).

فإذا اختلف الفقهاء في حُكْم الأمور المُشتبهِات بين مَنْ يرى حِلَّها ومَنْ يرى حُرْمتها، وكانت مُتردِّدة بين الحِلِّ والحُرْمة، فالأَوْلى تركها واجتنابها. وهذا الاشتباه لا يقع في الشريعة الإسلامية نفسها، وإنَّما يكون في فهم الناس لها.

ومن الأمثلة على ذلك:
- روى البخاري ومسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد يومًا تمرة ساقطة، فترك أكلها خشية أنْ تكون من مال الصدقة التي حرَّمها الله تعالى عليه.
- ما أشكل على الإمام مالك حين سُئِل عن خنزير البحر (هو من فصيلة الحيتانيات، ومن الثدييات المائية)؛ إذ امتنع عن الإجابة لتعارُض الأدلَّة عنده، وهي قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾، فخاف أنْ يكون منه فيَحرُم، وقوله تعالى: ﴿أحل لكم صيد البحر وطعامه﴾، فخاف أنْ يكون منه فيَحِلُّ.
- إنْ أصابت النجاسة جزءًا من الثوب لم يعلم صاحبه موضعها، فاتقاء المُشتبِهات يكون بغسل الثوب كله.
- شراء أسهم من شركة تُتاجِر في مواد بعضها حرام، وبعضها الآخر حلال؛ فاتقاء المُشتبهِات يكون بعدم شراء أسهم تلك الشركة.

ثانيًا: موقف المسلم من المُشتبِهات

يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف المسلم، ويدعوه إلى الورع، ويُحذِّره من الوقوع في المُشتبِهات؛ فهي قد تقوده إلى ارتكاب الحرام. وكذلك، فإنَّ تتبُّع المُشتبهِات يوقعِ المسلم في الشُّبُهات.

الشُّبهات: هي الأفعال التي تجعله موضع تهمة وشَكٍّ؛ ما يُعرِّضه للغيبة والنميمة، ويُفقِده ثقة الناس به.
يصُنفَّ الناس إلى فئتين من حيث التعامل مع المُشتبهِات:
أ . فئة تتورَّع عن الوقوع في المُشتبِهات، فتُحافِظ بذلك على سلامة دينها وسُمْعتها من الطعن؛ لحرصها ألّ تقع في الحرام.
فإذا ظهرت لها شُبْهَة وقفت عندها لتتبيَّ حُكْمها، فإنْ أدَّت إلى حرام أو مكروه اجتنبتها.
ب . فئة لا تتورَّع عن إتيان المُشتبِهات، وتُكثِر من الوقوع فيها؛ فهذه يُشى عليها من فعل الحرام، لاحتمال أنْ يكون ما وقعت فيه من شُبُهات حرامًا؛ إذ لم يتبيَّ لها حُكْمه، ولم تسأل عنه.
ومَنِ اعتاد التساهل في الوقوع في المُشتبهِات سَهُل عليه الوقوع في الحرام ؛ لأنَّ النفس تُسوِّل له، وتَجرُّه شيئًا فشيئًا، ويدلُّ على ذلك المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: «... كَالرَّاعي يَرْعى حَوْلَ الْحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فيهِ». أمّا الذي يبتعد عن المُشتبِهات فإنَّه يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا.

معلومة:

دائرة الإفتاء العام من المؤسسات التي يرجع إليها المسلم في المملكة الأردنية الهاشمية لتعرُّف الأحكام الشرعية والأمور المُشتبِهات.

ثالثًا: صلاح القلب وفساده

يُنبِّهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الأصل في صلاح الإنسان، واستقامة جوارحه، هو صلاح قلبه.

إذا صلُح القلب، عرف الحقَّ من الباطل، واستقامت جوارحه، وظهر ذلك عليه سماحةً في التعامل مع الآخرين، وحِرْصًا على دينه ومجتمعه ووطنه، وبُعْدًا عن الشُّبُهات.
أمّا إذا فسد القلب؛ لجهل الإنسان، وعدم معرفته بالحقِّ أو بالحلال والحرام، أو معرفته بهما، وإصراره على فعل الحرام؛ أدّى ذلك إلى فساد الجوارح وعدم استقامتها على ما شرع الله سبحانه وتعالى.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإنَِّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذِا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجسَدُ كُلُّهُ، وَإذِا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» بيانٌ بأنَّ القلب خطره عظيم بالرغم من صِغَر حجمه، ومنفعته جليلة، وأنَّه إذا فسد القلب فسدت بقية الأعضاء والجوارح.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

يجب على المسلم أنْ يحرص على صلاح قلبه؛ بأنْ يَلتزم الأعمال التي تُعين على ذلك، مثل:
أ . المحافظة على أداء العبادات، مثل: الصلاة، والصيام. قال تعالى: ﴿وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾.
ب . قراءة القرآن، والتدبُّر فيه. قال تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾.
ج. مجالسة الصالحين، والابتعاد عن أهل الفسق والمعاصي. قال تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾.
د . التوجُّه إلى الله  بالدعاء. قال تعالى: ﴿ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).
ه. المداومة على ذِكْر الله. قال تعالى: ﴿الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾.
و . اختيار الحلال الطيِّب من الطعام والشراب. قال تعالى: ﴿يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالًًا طيبًا﴾.