الدراسات الاجتماعية فصل ثاني

السابع

icon

                             (عهْدُ الخلفاءِ الراشِدينَ)

 

أتخيّلُ نَفْسي هُناكَ

تلقَّيْنا دعوةً لزيارةِ موقِعِ شُعلةِ اليرموكِ، وعندَ وصولِنا سألتُ والِدَتي عَنْ أهمِّيّةِ هذا الموقِعِ، فأخبرَتْني أنّهُ في القربِ مِنْ هذا الموقِعِ جرَتْ معركةُ اليرموكِ في عامِ 15 هِجريّة، الموافقِ 636 مِيلاديّة.

 

 

 

الخِلافةُ: النظامُ الذي اتّبعَهُ المسلمونَ في اختيارِ مِنْ يخلفُ الرسولَ ، في إدارةِ شؤونِ الدولةِ.

 

العصرُ الراشِديُّ

رسّخَ الرسولُ مبدأَ الشورى، وهُوَ مُصطلَحٌ إسلاميٌّ يَعني طلبَ الرأيِ مِنْ أهلِ الحلِّ والعقدِ، حينَما تركَ أمرَ الخِلافةِ شُورى بينَ المسلمينَ؛ فيختارونَ مَنْ يحكُمُ الدولةَ الإسلاميّةَ بعدَ وفاتِهِ. وعُرِفَ هذا النظامُ باسمِ الخِلافةِ؛ إذْ يُبايعُ أهلُّ الحلِّ والعقدِ الخليفةَ البيعةَ الخاصّةَ، ثُم ُّيُبايعُ بقيّةُ المسلمينَ البيعةَ العامّةَ في المسجِدِ. ومِنْ هُنا، كانتِ الشورى والبيعةُ أساسَ النظامِ السياسيِّ للدولةِ الإسلاميّةِ في العصرِ الراشِديِّ، إلّا أنَّ هذا الاختيارَ والتنصيبَ للخليفةِ قَدْ اختلفَ أسلوبُهُ في العصورِ الإسلاميّةِ اللاحقةِ. وقَدْ ظهرَ مبدأ الشورى جليًّا في اجتماعِ سقيفةِ بني ساعِدةَ، حينَ اجتمعَ الأنصارُ والمهاجرونَ في السقيفةِ؛ لاختيارِ خليفةٍ للمسلمينَ بعدَ وفاةِ الرسولِ ، وانتَهى التشاورُ باختيارِ الخليفةِ أبي بكرٍ الصدِّيقِ أوّلَ خليفةٍ لرسولِ اللهِ، وبعدَ أنْ أُخِذتْ لهُ البيعةُ في المسجدِ، ألْقى في المسلمينَ خُطبةً هذا نصُّها:

 

"أيُّها الناسُ، فإنّي قدْ وُلِّيتُ علَيْكُم ولستُ بخيرِكُمُ، فإنْ أحسنتُ فأعينوني، وإنْ أسأتُ فقوِّموني. الصدقُ أمانةٌ، والَكَذِبُ خيانةٌ. والضعيفُ فيكُم قويٌّ عِندي حتّى أريحَ عليهِ حقُّهُ إنْ شاءَ اللهُ، والقويُّ منكُم ضعيفٌ عِندي حتّى آخذَ الحقَّ مِنْهُ إنْ شاءَ اللهُ. لا يدَعْ أحدٌ مِنْكُم الجهادَ في سبيلِ اللهِ؛ فإنّهُ لا يدعُهُ قومٌ إلّا ضربَهُم اللهُ بالذلِّ، ولا تشيعُ الفاحشةُ في قومٍ إلّا عمَّهُم اللهُ بالبلاءِ، أطيعوني ما أطعتُ اللهَ ورسولَهُ، فإذا عَصيتُ اللهَ ورسولَهَ فلا طاعةَ لي علَيْكُم".

   تاريخُ الأُممِ والملوكِ، الطبريُّ، الجزء 3

 

  • أُحلِّلُ النصَّ مِنْ خُطبةِ أبي بكرٍ الصدِّيقِ، وأُبيِّنُ أهمَّ المبادئِ السياسيّةِ والأخلاقيّةِ التي انتهجَها.
  • النقد السياسي البناء
  • العدالة
  • المساواة

تولّى الخُلفاءُ الراشِدونَ إدارةَ شؤونِ الدولةِ بعدَ وفاةِ الرسولِ ، وقدْ أُطلِقَ علَيْهِم اسمُ الراشِدينَ؛ لتقيُّدِهِم بنهجِ الرسولِ . وقَدْ تعاقبَ على الخلافةِ أربعةُ خُلفاءَ، وهُم:

 

جهودُ الخُلفاءِ الراشِدينَ، في تثبيتِ دعائِمِ الدولةِ الإسلاميّةِ (الفتوحاتُ الإسلاميّةُ)

بذلَ الخلفاءُ الراشِدونَ جهودًا كبيرةً للحفاظِ على الدعوةِ وتثبيتِ دعائمِ الدولةِ الإسلاميّةِ بعدَ وفاةِ الرسولِ ﷺ، داخلَ شبهِ الجزيرةِ العربيّةِ وخارِجَها.

واستمرّتْ جهودُ الخُلفاءِ الراشِدينَ على مَدى ثلاثينَ عامًا في نشرِ الدينِ الإسلاميِّ خارِجَ شبهِ الجزيرةِ العربيّةِ، وتوسيعِ حُدودِ الدولةِ في بلادِ الشامِ وبلادِ فارِسَ، وتوسَّعَ في عهْدِ عُمرَ بنِ الخطّابِ انتشارُ الإسلامِ، وجَرى الانتِصارُ على الدولةِ البيزنطيّةِ في معركةِ اليرموكِ (15 هـ/636 م) التي دارتْ في سَهلِ اليرموكِ في شمالِ الأُردنِّ بقيادة خالدِ بنِ الوليدِ، والانتصارُ على الدولةِ الفارسيّةِ الساسانيّةِ في معركةِ القادسيّةِ (15هـ/636م) بقيادةِ سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ. وقدْ انتَهى الوجودُ الفارسيُّ بعدَ معركةِ نهاوَنْد (21هـ/642م) التي أُطلِقَ علَيْها اسْمُ فتحِ الفتوحِ، ووصلَ المسلمونَ شرقًا إلى خُراسانَ وأراضي فارِسَ. 

  • أُحدِّدُ على الخريطةِ مَنطِقةَ اليرموكِ.

 

  • أُبيِّنُ سببَ تسميةِ معركَةِ اليرموكِ هذا الاسمَ.
  • نسبة إلى نهر اليرموك قي شمال الأردن.

السببُ: نهاية الوجود الفارسي

النتيجةُ: تسميةُ معركةِ نهاوَنْد باسمِ فتحِ الفتوحِ.

  

 

 

جُمِعَ القرآنُ الكريمُ في عهْدِ الخليفةِ أبي بكرٍ الصدِّيقِ، ونُسِخَ في عهْدِ الخليفةِ عُثمانَ بنِ عفّانَ على لهجةِ قُريشٍ، ووُزِّعَ على الأمصارِ؛ وذلِكَ بسببِ اتِّساعِ الدولةِ الإسلاميّةِ ودخولِ غيرِ العربِ في الإسلامِ.

مخطوطةُ سَمَرْقَند: نُسخةٌ مخطوطةٌ مِنَ القرآنِ الكريمِ، محفوظةٌ في مكتبةِ (هاست إمام) في طَشْقَند، ويُعدُّ المصحفَ الأقدمَ على وجهِ الأرضِ.

 استكمَلتِ الجيوشُ الإسلاميّةُ فتحَ بيتِ المقدسِ (16هـ/638م) بعدَ أنْ تسلّمَ الخليفةُ عُمرُ بنُ الخطّابِ مفاتيحَ القدسِ مِنَ البَطْريرَك، ودخلَها صُلحًا دونَ قتالٍ، وكتبَ لأهلِ بيتِ المقدسِ بِناءً على طلبِهِم عهدَ أمانٍ على أنفسِهِم وأموالِهِم وكنائِسِهِم، عُرِفَ بالعُهدةِ العُمريّةِ.

وفتحَ عمروُ بنُ العاصِ مِصرَ في عامِ (19هـ/640م) وكانَتْ خاضعةً للحُكمِ البيزنطيِّ، وأصبَحتْ مِصرُ قاعدةً للفتوحاتِ الإسلاميّة في شمالِ إفريقيا.

ولمْ تقتصرْ فُتوحاتُ المسلمينَ في تلكَ الفترةِ على المعارِكِ البرِّيّةِ، بلْ كانَ لا بُدَّ مِنْ إنشاءِ أسطولٍ بحرِيٍّ؛ لحمايةِ سواحلِ الدولةِ مِنْ خطرِ الرومِ البيزنطيِّينَ، وكانَ ذلِكَ في عهْدِ الخليفةِ عُثمانَ بنِ عفّانَ، وكانَتْ معركةُ ذاتِ السواري (34هـ/654م) أوّلَ معركةٍ بحرِيّةٍ خاضَها العربُ المسلمونَ ضدَّ الأسطولِ البيزنطيِّ في البحرِ المتوسِّطِ، وسُمِّيتْ هذا الاسمَ لكثرةِ ما تحطّمَ مِنْ سواري السفُنِ فيها، وانتهَتْ بانتصارِ العربِ المسلمينَ وفرضِ سيادتِهِم على البحرِ المتوسِّطِ، وكانَتْ نقطةُ انطلاقِ فُتوحاتِ المسلمينَ في أُوروبّا.  

  

السببُ: لاهميتها وللتخلص من الوجود البيزنطي ولتكون قاعدة انطلاق لشمال افريقيا

النتيجةُ: حِرصُ المسلمينَ على فتْحِ مِصرَ. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جهودُ الخلفاءِ الراشدينَ في تنظيمِ الشؤونِ الإداريّةِ للدولةِ

  1. إنشاءُ المدنِ الإسلاميّةِ (الأمصارِ): وهِيَ مُدنُ جديدةٌ أُنشِئتْ في البلادِ التي فُتحِتْ لتكونَ مركزَ استقرارٍ ومعسكراتٍ للجُندِ المسلمينَ.

  1. التقويمُ الهجريُّ، عدَّ الخليفةُ عُمرُ بنُ الخطّابِ الهجرةَ النبويّةَ 612م، حدَثًا مُهمًّا في الإسلامِ واتَّخذَهُ بدايةً للتقويمِ.
  2. إنشاءُ الدواوينِ، وهِيَ أماكنُ لحفظِ السجلّاتِ وتوثيقِ شؤونِ الدولةِ وتنظيمِها، ومِنْها:

أ- ديوانُ الجُندِ: لتسجيلِ أسماءِ الجُندِ وأُعطياتِهِم (رواتبِهِم).

ب- ديوانُ الخَراجِ: لتسجيلِ الضريبةِ التي تأخذُها الدولةُ مِنْ ناتِجِ الأرضِ (الضريبةُ).

  1. إنشاءُ نظامِ الحِسبةِ للإشرافِ على عمليّاتِ البيعِ والشراءِ في الأسواقِ ومنعِ الغِشِّ. وقد تولّى الخلفاءُ أنفسُهُم في بعضِ الأوقاتِ هذِهِ الوظيفةِ، كَما قامَتِ النساءُ بهذِهِ المَهمّةِ أيضًا مثلَ الشفاءِ بنتِ عبدِ الله؛ إذْ كانَ الخليفةُ عُمرُ بنُ الخطّابِ يأخُذُ برأيِها ومشورتِها.
  2. استحداثُ نظامِ الشرطةِ (العَسَسِ): لمتابعةِ أمورِ المسلمينَ وحراستِهِم ليلًا؛ لحمايتِهِم والحفاظِ على أمنِهِم.

وبعدَ وفاةِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ آخرِ الخلفاءِ الراشِدينَ، بُويعَ ابنُهُ الحسنُ بنُ عليٍّ بالخلافةِ في الكوفةِ، كما بُويعُ في الوقتِ نفسِهِ مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ بالخلافةِ في بلادِ الشامِ، ولأجلِ حقنِ دماءِ المسلمينَ كتبَ الحسنُ إلى مُعاويةَ يُسالمُهُ ويُراسلُهُ في الصلحِ، واصطلحَ معَهُ على أنْ يتولّى مُعاويةُ الخِلافةَ في عامِ 41هـ، الموافقِ لعامِ 661م، وسُمِّيَ هذا العامُ عامَ الجماعةِ لاجتماعِ كلمةِ المسلمينَ فيهِ.

 

السببُ: تنازلَ الحسَنُ بنُ عليٍّ عَنِ الخلافةِ لمُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ. 

النتيجةُ: الصلح و حقنِ دماءِ المسلمينَ ....

 

 

 

 

 

 
مِنْ قادةِ الفُتوحاتِ الإسلاميّةِ

أبو عُبيدةَ عامِرُ بنُ الجرّاحِ: صحابيٌّ وقائدٌ مسلمٌ، وأحدُ العشرةِ المُبشَّرينَ بالجنةِ، ومِنَ السابقينَ الأوّلينَ إلى الإسلامِ. شهِدَ معَ الرسولِ غزوةَ بدرٍ وأُحُدٍ، وكانَ مِنَ القادةِ الذين عيَّنَهُم أبو بكرٍ لفتحِ بلادِ الشامِ. توفِيَّ في عامِ 18ه، وله ضريحٌ في بلدةِ دير علا في مَنطِقةِ الأغوارِ الوسطى في الأُردنِّ.

 

 

 

 

 

عمرو بنُ العاصِ: صحابيٌّ وقائدٌ عسكريٌّ مسلمٌ، كانَ أحدَ القادةِ الأربعةِ في الفتحِ الإسلاميِّ للشامِ وكانَتْ وِجهتُهُ فِلَسطينَ، وقادَ الفتحَ الإسلاميَّ لمِصرَ، وتسلّمَ ولايتَها بعدَ فتحِها. توفِّيَ في عامِ 43هـ في مِصرَ.

 

خالدُ بنُ الوليدِ: صحابيٌّ وقائدٌ عسكريٌّ مسلمٌ، شاركَ في معارِكَ مختلفةٍ في عهْدِ الرسولِ ، أهمُّها غزوةُ مؤتةَ وفتحُ مكّةَ. اشتُهِرَ ببراعتِهِ في قيادةِ جيوشِ المسلمينَ في فتحِ العراقِ والشامِ، وخاضَ العديدَ مِنَ المعاركِ كأجنادينَ واليرموكِ وحقّقَ الانتصاراتِ. توفِّيَ في عامِ 21هـ.

 

سعدُ بنُ أبي وقّاصٍ: أحدُ العشرةِ المُبشَّرينَ بالجنةِ، ومِنَ السابقينَ الأوّلينَ إلى الإسلامِ ومِنْ رُواةِ الحديثِ. شهِدَ الغزواتِ جميعَها معَ الرسولِ ، وقادَ الجيشَ الإسلاميَّ في معركةِ القادسيّةِ وحقّقَ انتصاراتٍ على الدولةِ الفارسيّةِ. توفِّيَ في عامِ 55هـ.